اسم الکتاب : مباحث التفسير المؤلف : الرازي، ابن المظفر الجزء : 1 صفحة : 250
قلت: لو اقتصرنا على هذا القدر لا يتم التفسير ولا يكمل الكلام؛ لأنه تعالى يذكر هذه الآية في ذكر نعمه على عباده، وكفرانهم، نظيرها قوله: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} وقوله: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}. فلا يستقيم ههنا أن نقول معناه: فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد، أي فمنهم مُوفٍ أو مؤمن أو مصلح، لأنه يخالف أمثالها ونظائرها، ويخالف مفهوم الخطاب، ولا يتم أيضاً أن نقول: فمنهم مقتصد أي مضمر للكفر، وأمثال ذلك؛ لأن في نظائرها لم يذكر بحرف {من}، وههنا قد ذكره بحرف {من} وهو للتبعيض فلا يجوز ذكر البعض والإعراض عن البعض، لأنه يكون تقديره: فلما نجاهم إلى البر فمنهم كافر فتحمله على الإضمار والاختصار، كأنه تعالى قال: فلما نجاهم إلى البر فمنهم شاكر ومنهم جاحد كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكٌمُ الْحَرَّ} وأشباه ذلك والله أعلم.
غاية ما في الباب أنه ترك ذكر الفريق الآخر لدلالة الكلام عليه فينبغي للمفسر أن لا يخل بهذا التنبيه لئلا يُنسب إلى التقصير.
* * *
سورة الأحزاب
170 - قال في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ}: {تُظَاهِرُونَ} " بضم التاء وتخفِيف الظاء
اسم الکتاب : مباحث التفسير المؤلف : الرازي، ابن المظفر الجزء : 1 صفحة : 250